د. وسن
اء النعيمي
يعيش الإنسان المعاصر في زمن التكنولوجيا والحضارة والتطورات العلمية التي لا سابق لها في العصور الماضية،زمن فيه كل شيء سهل ومتاح..لكن على الرغم من كل ذلك فهو يعيش في حالة من الغربة وزيف الحياة وسطحية العلاقات مع الآخرين بصورة تؤثر وبشكل كبير على صحته، أصابته بالكثير من الأمراض النفسية والاجتماعية وحالات من العصاب والانتحار والجرائم والسلوك المرضي العنيف مع زيادة في حالات الكبت داخل هذه المجتمعات، كل هذه الضغوطات أصبحت مصدر تهديد لوجود الإنسان المعاصر..وكل ذلك نشأ نتيجة لكل ما يمر به الإنسان المعاصر من ضعف في روابط المحبة والتعاطف والمشاركة مع الآخرين..وهذا يعود إلى التطور الحضاري السريع وعدم القدرة على التوافق معه، كما يعود إلى ضغوط البيئة المادية والاقتصادية واضطرابات التنشئة الاجتماعية في الأسرة والمدرسة والمجتمع. أن الحضارة اليوم كما يرى الاستاذ "ندره اليازجي" كانت السبب في اندثار الأصالة الحقيقية، وملأ الفراغ كل شيء لدرجة أصيب الشباب بالملل والقنوط، ومعلوم أن الفراغ هو الذي يميت الإنسان ويجعله مجرد ألعوبه بيد أصحاب المأرب الأنانية لينشىء الشباب على الأنانية وعدم الاكتراث بالإنسانية، والإهتمام بتحقيق الملذات الأنية والوصول إلى الهدف بدون مشقة، والشعور بالإحباطات الفردية والجماعية، كل ذلك أدى إلى إنهيار القيم الأخلاقية واختلال التوازن الداخلي..أن الحل الأمثل لمواجهة كل هذه الضغوط هو أن يعيش الإنسان في حدود متطلبات يومه لأن أفضل طريقة للاستعداد لمواجهة الغد تكمن في تركيز الجهد والحماس على إنجاز مهام اليوم، وبذل الجهد في حل المشكلات الصغيرة التي يحملها اليوم فهو ما يساعد الإنسان للمشكلة الكبيرة التي تشكل أداة الضغط الرئيسة، وكذلك لابد من إجادة فن الاسترخاء كحل أمثل لمواجهة القلق والإرهاق الناجمين عن ضغوط الحياة المعاصرة، مع التأكيد على ضرورة تقبل الأمور السيئة بأقل انفعال ممكن،وتعويد النفس على قول كلمة(لا) لكل ما لا تستطيع القيام به حتى لا تجد نفسك محملا بالأعباء الزائدة، مع ممارسة الرياضة كونها تساعد في علاج التوتر والتأمل مع الذات وتسهيل إيجاد الحلول للمشاكل التي تضغط عليك..وأخيراً عليك أن تدرك أن الحياة ليست مثالية ولن تكون كذلك أبداً، بل عليك أن تنظر للحياة بتحدياتها المختلفة، فهي سلسلة من الاختبارات التي ستضيف لتجربتك الإنسانية والشخصية الكثير من النضج وفرصة للاندماج في المجتمع وامتلاك القوة لمواجهة ضغوطات الحياة المعاصرة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق