اعلن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، عدم مشاركته في الانتخابات منتصف شهر تموز الماضي، واستمر "الخصام" الانتخابي شهراً ونصف الشهر، حتى عاد الصدر ليعلن مشاركة مليونية في ساحة الانتخابات، بعد وثيقة "اصلاحية" قدمتها كتل يثق بها الصدر بحسب ما جاء بكلمته التي اعلنها الجمعة.
وكانت جميع التكهنات تشير الى ان الصدر سوف يعدل عن مقاطعته للانتخابات، فيما عدها البعض بانها خطة لاعادة تجميع ناخبيه واعدادهم لانتخابات تشرين بعد ان توجس "خيفة" من عدم حصوله على العدد المقبول من المقاعد في الانتخابات القادمة.
وسرعان ما اعلنت كتل عدة ترحيبها بعودة الصدر للمشاركة في الانتخابات، كونها رأت في انسحاب التيار الصدري تاثيراً على امكانية اجراء الانتخابات المبكرة، وقلة نسب المشاركة.
محللو مجموعة الاتحاد للكتاب والمحللين، بحثوا مديات الربح والخسارة في المقاطعة الصدرية ثم العودة الى الانتخابات.
يرى المحلل السياسي يونس الكعبي ان "انسحاب السيد الصدر من الانتخابات كان تكتيكيا من اجل تعزيز رصيده الانتخابي وشحن جمهوره الذي اصابه الذهول من الاخفاقات والتورط في ملفات خطيرة ادت الى انخفاض شعبية التيار الصدري وذهابه الى زهو السلطة والمال بعد ان كان يرفع شعار الاصلاح ونصرة الضعفاء".
وبين ان "الضربات الثلاث موجعة بالنسبة لسمعة التيار الصدري :ملف رفع سعر صرف الدولار ملف الكهرباء ملف الصحة، كل من هذه الملفات كافية للاطاحة باي تكتل سياسي لانها ترتبط مباشرة بحياة المواطن وتمس جوهر حياته المعيشية".
واوضح انه "لابد من احداث هزة في الوسط الصدري حتى يتفاعل الجمهور مع قيادته من جديد وحلم الوصول الى رئاسة الوزراء كما صرحوا ولا زالوا يصرحون بذلك"، مبيناً ان "قرار الانسحاب المفاجئ جاء ليربك الكتل السياسية خوفا من تاجيل الانتخابات".
ونوه الى ان "هذه العودة تثبت صحة التحليلات التي اجمعت على عودة الصدر عن قراره بعد اخذ تعهدات بالحصول على المكاسب التي يريدها بغض النظر عن نتائج الانتخابات".
من جانبه يقول المحلل السياسي عقيل الطائي ان "انسحاب التيار الصدري من الانتخابات المزمع انطلاقها في تشرين ، جاء بعد احداث مؤلمة متسارعة اخذت من جرف حياة المواطن بين الموت وتردي الخدمات في مجال الكهرباء والصحة التي هي من حصة التيار الصدري".
واوضح ان "التيار الصدري يمني النفس بتشكيل حكومة ويكون الكتلة التي تستطيع وحدها تشكيل الحكومة، لكن ماحدث مؤخرا قلل من حظوظه في الانتخابات المقبلة".
ونوه الى ان "وفداً من التيار الصدري سبق وان زار زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني لغرض التفاهمات المستقبلية والائتلافات الحزبية لان جميع الاحزاب لديها الحزب الديمقراطي بيضة القبان في الائتلافات السياسية بعد الانتخابات".
واشار الى ان "زيارة السيد المالكي الى البرزاني غيرت من اراء السيد الصدر بخصوص الانتخابات"، لافتاً الى ان "الصدر قرر عدم ترك الساحة للسيد المالكي او غيره".
وفي ذات السياق يؤكد المحلل السياسي محمد فخري المولى ان " عودة التيار لصدري حتمية لان المفوضية العليا المستقلة للانتخابات اكدت انه لا انسحاب بعد التوقيتات الرسمية".
وبين ان "الانسحاب لاعادة ترتيب الأوراق والاولويات وطبعا بظل العودة ستكون مسألة تسنم رئاسة الوزراء تفصيل ثانوي، لتبدا مرحلة جديدة من المفاوضات لتشكيل الحكومة وفق المعطيات الإنتخابية للصندوق الانتخابي".
واوضح ان " التدخل السافر الخارجي غير واضح المعالم لانه يتم من خلال اجندات الشخوص المؤثرة بالمشهد العراقي، لان التركيز الآن على من يشكل الكتلة الأكبر ليكون المشهد واضح جدا باختيار شخصية رئيس الوزراء القادم".
الى ذلك يرى المحلل السياسي صباح العكيلي ان "عدول السيد مقتدى عن المشاركة في الانتخابات، هي خطوة تكتيكية لتخفيف الضغوط عن التيار الصدري وتحميلة نتيجة الإخفاقات في آداء الحكومة وتحديداً الملف الخدمي وهو ما يشكل التأثير الأكبر على مستقبل التيار في المنافسة ويقليل حظوظه في الهيمنة على نتائج الانتخابات".
وبين ان "التيار الصدري يعول كثيرا على الانتخابات القادمة من خلال امتلاكة قاعدة شعبية واسعة يرفع من طموحه في أن يكون الرقم الأصعب في تحديد شكل الحكومة القادمة برغم وجود منافسة شديدة بين الكتل والأحزاب اما مبادرة السيد في إصلاح العملية السياسية لم تات بجديد ولن يكون لها تأثير ولكن ذريعة للسيد مقتدى للعدول عن المقاطعة وهي نتيجة معروفة".
واوضح ان "التيار متطابق مع رغبة جهات خارجية وداخلية لأحداث فوضى وإدخال البلد في دوامة اللااستقرار سياسي وامني وممكن أن تكون تداعياته خطيرة ومدمرة للعملية السياسية وهذا سبب موافقة اغلب الزعامات على شروط السيد الصدر".
ولفت الى ان "المشاركة الواسعة تعطي مصداقية وتحصين للعملية السياسية وتقطع الطريق على من يحاول إفشال عملية الانتخابات ومن يحاول تأجيلها وبالتالي مشاركة التيار تعطي قوة للجبهة الداخلية لمواجهة التحديات والرهانات في خلط الأوراق واستغلال التيار في أخذ البلد إلى منزلق خطير".
وفي ذات الموضوع يرى المحلل السياسي ابراهيم السراج ان " اكثر شخص تعرض للحرب الإعلامية والتسقيط هو نوري المالكي، ولكنه كان مصرا على مواصلة مشواره السياسي والمشاركة في الانتخابات".
وبين ان " كل حزب وشخصية سياسية هي عرضة للانتقاد لايوجد شخص له حصانة . وأعتقد أن كل شخص يتعرض للانتقاد يستطيع الرد بالطرق السلمية المعروفة".
واوضح ان "الاحزاب السياسية التى لازالت ترفض العودة إلى المعترك الانتخابي لاقيمة أو ثقل سياسي لهم في الخارطة السياسية .مجرد أحزاب صغيرة لاتمتلك قاعدة شعبية . وبالتالي تأثيرهم لاقيمة له".
بينما يرى المحلل السياسي قاسم الغراوي ان "الصدر في خطابه السابق نوه الى جملة من المؤشرات والملاحظات الخاصة بالتيار تدل على عدم رضاه وقبوله بالسلوكيات والتصرفات اللامسؤولة من بعض قادة الخطوط المتقدمة ممن يحمل اسم الشهيد الصدر ويتحرك بسلبية تحت هذا العنوان ونعتقد ان السيد الصدر وصل الى قناعة بان كل المحاولات التي اراد من خلالها التنبية وتاشير الخلل والاصلاح لن تجدي نفعا وان الفساد لايمكن ايقافه والبلد ذاهب الى المجهول".
وبين الغراوي ان "الصدر في انسحابه الاخير ان يحشد انصاره للانتخابات وبقوة ولملمت شتاتهم واعطاءهم زخم في هذه المشاركة وان التيار في تحدي مع الكتل السياسية باعتباره الرقم واحد في قائمة الفائزين دائما ولن يقبل بغير هذا وعدم مشاركته ستنهي التيار سياسيا وسيكون مشاكسا دائما للعملية السياسية".
واوضح ان "السبب الاخر هو ابتعاده عن اضواء الاعلام الذي بدا يتحدث وبصراحة عن اخفاقات التيار الصدري في الوزارات وخصوصا الكهرباء والصحة وصراحة محافظ الناصرية عن تدخل انصار التيار وفسادهم، لذا التجا للغياب عن المشهد السياسي واطفاء الاضواء الكاشفة ونسيان الموضوع فيما يخص الحرائق في المستشفيات والاخفاق في الكهرباء وخلال هذه الفترة امتلك فترة الهدوء بحساب الزمن وانتهاز الفرصة الملائمة مع قرب الانتخابات بعد عمل انصاره للتحشيد ليعلن عودته بشروط".
ونوه الغراوي الى ان "التيار الصدري ورقة رابحة في الانتخابات ، وهو الرابح وبدون شك ، وله الكلمة الفصل في تشكيل الحكومات اتفقنا او اختلفنا معه ، كما ان الاكراد يقفون على التل لقراءة الخارطة الجديدة للاتفاقات والائتلافات ليقولوا قولهم المرتبط بمصلحتهم فقط دون الوطن والوطنية".
في حين يؤكد المحلل السياسي حيدر عرب الموسوي ان " السيد مقتدى الصدر استطاع بمناورته بالانسحاب من الانتخابات تغيير او اشغال الشارع العراقي بعد الاحداث الاخير من حرق المستشفيات و سوق العمله والفشل في الكهرباء والتي القت بظلالها على شعبية التيار الصدري و النقد الكبير والواسع على أدائهم الحكومي".
وبين ان "الانسحاب مثل اعادة تنظيم اوراق التيار الصدري بعد ورود معلومات وتقارير تفيد عن عدم قدرة التيار تحقيق الفوز بالانتخابات والحصول على المقاعد التي تؤهله لنيل كرسي رئاسة الوزراء".
ولفت الى ان "التيار بهذه المناورة خسر ثقة عدد من القوى السياسية التي كان يسعى للتحالف معها لتشكيل الحكومة المرتقبة اذا ما حقق الفوز".
بينما يرى المحلل السياسي هيثم الخزعلي ان "اصلاح الوضع السياسي العام وضمان نجاح العملية الانتخابية يتطلب وجود التيار الصدري، لما يمثله من ثقل سياسي وانتخابي واجتماعي، وعدم مشاركته بالانتخابات ستخفض نسبة المشاركة وسيربك المشهد الانتخابي".
واوضح الخزعلي ان "اصلاح البيت الشيعي وتماسكه يتطلب المصالحة بين السيد المالكي والتيار الصدري، لان الخلافات بينهما كلفت المكون الشيعي الكثير، وافقدته حتى رئاسة الوزراء التي هي حق شيعي في العرف السياسي، انسحاب السيد الصدر من الانتخابات ثم عودة السيد الصدر وتوقيع وثيقة الإصلاح تدفع شبهات الفساد عن اسم ال الصدر".
وبين ان "هذه العودة تضمن نجاح العملية الانتخابية وتضمن سلامة الوضع السياسي بعد الانتخابات أيضا، هذه العودة مثلت رسالة اطمئنان للشارع العراقي والبيت الشيعي وتضمن من كانوا يراهنون على إلغاء الانتخابات او إدارة ثورة مخملية بتطاهرات تهدف اسقاط العملية السياسية، لان اي حراك في الشارع بدون التيار الصدري لن يكون له أثر".
وفي هذا الجانب ايضا يرى المحلل السياسي د.محمد الكحلاوي انه "من الأجدر للتيار الصدري البقاء مصرا على الانسحاب ويكون معارضا اذا كان يريد الإصلاح بالفعل، فقد خسر الكثير من انصاره بسبب ممارساته ومسؤوليه في الحكومة مما سبب لهم انتكاسة سياسية واجتماعية".
واوضح ان "الشارع العراقي يقسم حسب الفئات السياسية والمناطقية، فالمناطق الغربية سوف يكون لهم حضور واسع ومتميز خلافا لعام ٢٠١٨ بعد ماقام به سياسييهم من اعمار في مناطقهم، وكذلك الاقليم".
وبين ان "المشكلة تكمن في الوسط والجنوب سيكون عزوف كبير عن المشاركة وهذا ما نراه ونسمعه من الشارع العراقي"، متسائلاً "كم من المرات اتفقوا على ورقة الاصلاح، ولم نجني ثمارها".
الى ذلك يؤكد مدير مركز الاتحاد للدراسات الاستراتيجية محمود الهاشمي انه " في القراءات السياسية للتيار الصدري فان هذا التيار لايمكن فهمه الا من خلال سلسلة الاجراءات التي يتخذها زعيمه والتي تخضع مرة لمزاجه ومرة لمخطط يقصده او تدفع به جهة معينة لكنه عموما يمتاز، بانه قاتل الاميركان بداية احتلالهم للعراق كما قاتل الارهاب وصنع معادلة طائفية في البلد والتحقت به مجاميع منها ورثة انصار الاب المرجع محمد صادق الصدر ومنها من انضم لاحقا واستطاع زعيمه مقتدى الصدر ان ينظم عمل انصار التيار في مكاتب وادارة مركزية فيما عجزت ،التيارات والاحزاب الاخرى ان تستخدم مثل هذا التنظيم الذي ضمن التيار أنصار ثابتين فيما الاحزاب والتيارات الاخرى بقيت تعتمد على حركة الشارع وميوله".
واوضح الهاشمي ان "معظم الذين التحقوا بالتيار همُ من البسطاء والعامة والفقراء وسكنة الاحياء العشوائية والاميون ولم ينظم لهم من الاكاديميين وغيرهم الا النفر القليل، وهناك حالة من التخادم بين قيادة التيار ومناصريهم والدفاع عنهم في جميع الاحوال ،وهذا ماوفر فرصة من التكاتف بينهم ".
وبين ان "الكتل الاخرى لم تستطع ضم هذه الاعداد الكبيرة من الفقراء وابناء العشوائيات والباعة المتجولين والاميين في وقت ان الانتخابات تبحث عن الاصوات دون النظر الى النوع".
واوضح ان "الهزات التي يحدثها التيار الصدري بين الفينة والاخرى بالعملية السياسية واحدة من انتكاسات هذه العملية وانتكاسات الحكومات وفشلها، فمرة انصارهم يتظاهرون واخرى يدخلون المنطقة الخضراء وعلى مرتين وفي اخرى يتدخلون بالكابينة الوزارية والمظروف المفتوح والمغلق ثم الالتحاق بتظاهرات تشرين واسنادها واخر تقليعة الانسحاب من الانتخابات التي هم دعوا لها".
ولفت الى ان "بقاء الكتل السياسية مكتوفة الايدي وخاضعة للهزات التي يحدثها التيار سوف تضيع التجربة السياسية فهذا التيار واحدة من ثوابته هذه التحولات الحادة والتغييرات ،فيما تبقى الارادات الخارجية تستفيد من ذلك على حساب الوطن والشعب".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق