جاري تحميل ... صحيفة الاخبار الجديدة

اعلانت

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

أدب الطفل والتحديات المعاصرة فى ظل الثوة التقنية





إعداد - الأحساء 

زهير بن جمعة الغزال

الأطفال هم بذرة الحياة الأولى، ولبنة المجتمع، وركيزة الأمم، وحسبما كان الزرع، يكون الحصاد، فهم أبناء اليوم، ووقود المستقبل، وتنشئتهم الثقافية السليمة، تًخرج أجيالًا قادرة على صنع النهضة وتقدم مجتمعاتهم، فالصغير اليوم، سيكبر غدًا، وسيكون قائدًا أو طبيبًا أومهندسًا أوكاتبًا أو شاعرًا أو عاملًا أمينًا. 

لأدب الطفل دور مركزي وفاعل في التنشئة السليمة للطفل، وينبغي عدم التقليل من شأنه، فهو ليس أداة ترفيه فحسب، بل مشروع وطني وتربوي، يجب أن يُحتضن ويُنمّى، فهو يصنع أجيالًا تقرأ وتفكر وتبدع، ونحن بحاجة إلى شراكات بين الأسرة، والمؤسسات التعليمية، والمبدعين من الكتّاب؛ لصناعة أدب يرتقي بعقول أطفالنا، ويواكب متغيرات العصر.

فى هذا التحقيق المهم، نتناول أدب الطفل وتحدياته المعاصرة فى ظل الثورة التقنية العالمية، وعلاقته بالمتغيرات التكنولوجية الحديثة، وتأثيراته الدائمة في مجال النشر الورقي والتقني، وآراء المتخصصين من الكتاب والتربويين والثقافيين والشعراء وحتى الأطباء والتقنيين. 

(انسحاب الكتب والورقيات من الساحة العالمية)

تقول الدكتورة حصة العوضي: ليس غريبًا على المهتمين والمختصين بأدب الطفل وثقافته، القلق الشديد بشأن ما يحدث في التطورات المتتالية للأنظمة التقنية في العالم منذ العقود الأخيرة من الزمن، وما تلاه من استغناء الجزء الكبير من البشر عن التواصل المباشر بين بعضهم البعض، حيث لا يختلف في ذلك الكبار والصغار، ولا الغني والفقير، ولا القريب والبعيد. 

فمنذ انطلاق الثورة الأخيرة للتقنية الإلكترونية مع اندماج ما يطلق عليه بالذكاء الصناعي الذي غزا الأجهزة المحمولة بسماته الجديدة، والتي لن تشهد إلا على اندحار ما يسمى بالإبداع الفني والثقافي على مستوى العالم، وكذلك التطور الطبيعي لنمو أدمغة الصغار من خلال البحث عن الأمور اليسيرة والسهلة في حل المشاكل والعقبات، مع تغييب العقل الإنساني ومهمته في إدارة وحماية إدراك البشر في جميع مراحله التطورية والإنتاجية.

الأمر يبدو للبعض مجرد انتقال من مرحلة تقنية إلى أخرى أكثر سهولة ومواكبة لتسيير أمورهم وحاجياتهم، بينما هي في الحقيقة المعضلة الأكبر التي يُمكنها أن تدمر التفكير الإنساني، دون التعبير عن مشاعره وأحاسيسه، وإطلاق العنان للأجهزة الإلكترونية لتحتل حياته وإدراكه وتفكيره .

وأضافت "حصة"، أن الكتب والورقيات، ابتدأت تنسحب من الساحة العالمية، وهي تجر خلفها بقايا الفشل الذريع التي منيت به في الألفية الجديدة، مع اندحار الأقلام البشرية، والخيال الطبيعي، والمشاعر الإنسانية، لاستبدالها بعقول أخرى، لا تشعر، ولا تتألم، ولا تجيد التعامل عما هو في الأعماق البشرية من طموحات وأحلام كثيرة، ولم يأت ذلك إلا مما صنعته الأيدي البشرية، بمساعدة الذكاء الطبيعي.

منذ أن بدأت تلك العقود المنذرة باحتلال التكنولوجيا الحديثة والمتطورة، وسعيها للقضاء على كل خلية وقطرة دم إنسانية وبشرية، حتى اختلت معايير الثقافة والتربية والنضوج، ما أدرى إلى زعزعة أركان العديد من دور النشر العربية والعالمية خوفًا من احتضارها أمام معدات التقنية الحديثة والذكاء القادم منها، ولم تكن دور النشر الخاصة بكتب الطفل والنشء ببعيد عن ما يحدق بها من أخطار جسيمة في مجال تطور صناعة الثقافة الخاصة بالأطفال على مستوى العالم كله .

ورغم كل ذلك القلق الذي يتجاوز الحدود والعناوين، والسعي للتدمير الشامل للقوة الفكرية والإبداعية والاجتماعية في كل نطاق، فقد انقطعت الصلات البشرية بكل أنماطها من المجتمعات التي ابتليت بداء التكنولوجيا الرقمية، ومواقع التواصل الاجتماعي، التي قضت حتى على مجرد التواصل بالأعين، لانغماسها ليلًا ونهارًا في متابعة الشاشات الصغيرة والكبيرة وفي كل مكان. لدرجة أن أفراد البيت الواحد ما عاد يتعرف على بعضهم البعض، فما بالنا بالمجتمعات الكبيرة التي انهارت فيها العلاقات البشرية النابضة ليحل محلها الجمود الذي يصل إلى حد اللامبالاة في أكثر الأحيان .

)أدب الطفل.. صناعة الوعي من المهد)

أمل مطلق الحربي، باحثة دكتوراة - أصول تربية، تقول: يُعدّ أدب الطفل حجر الأساس في بناء الشخصية منذ الطفولة المبكرة؛ فهو أداة تنوير تُسهم في ترسيخ القيم، وتوسيع المدارك، ومن هذا المنطلق، قدمتُ مجموعة من الأعمال المسرحية التي تمزج بين الترفيه والفكرة الهادفة، موجهة للأطفال من عمر 6 إلى 15 سنة، ومن أبرزها "حسام ورحلة الزمان"، والتي قدمت كنص في جمعية الثقافة والفنون بالدمام، تناولت فيها مفاهيم الهوية والانتماء، و"حزام ناسف" التي مثّلت ضمن فعاليات المسرح المدرسي للتوعية بخطر التطرف بأسلوب مبسّط، يناسب وعي الطفل، وكذلك "ضد مجهول" التي تناولت بجرأة قضايا اجتماعية تمس واقع الطفل العربي.  وسعيتُ إلى تبسيط المفاهيم التعليمية من خلال "مسرحية عجيبة في رحلة العجائب"، حيث خضعت الشخصية "عجيبة" لرحلة داخل مدينة التعجب، بهدف مساعدة الأطفال على فهم قواعد النحو ومعرفة الأفعال التي يجوز التعجب منها مباشرة أو عبر فعل مساعد، في قالب قصصي مشوّق.

وأكدت "الحربى"، أن أدب الطفل ليس أداة ترفيه فحسب، بل مشروع وطني وتربوي يجب أن يُحتضن ويُنمّى، فهو يصنع أجيالًا تقرأ، تفكر، وتبدع.

أما الدكتور سامي الشيخ محمد، أستاذ الأخلاق والحضارة واللاهوت وعلم اجتماع المستقبل بجامعة دمشق، فقال: إن هناك تحديات معاصرة تُواجهها الأسرة والمجتمع، في عملية التنشئة الاجتماعية للأطفال، وهو الأمر الذي يقتضي من الكُتاب والأدباء والمثقفين العاملين في ميدان أدب الأطفال، ضرورة أن يكون أدب الطفل أدبًا هادفًا، يستهدف بناء شخصية الطفل بناءً سليمًا متينًا معززًا بالقيم الاجتماعية والتربوية والأخلاقية التي تسهم إسهامًا فاعلًا في تنمية الجوانب الإيجابية المختلفة في حياة الطفل، فالتركيز على نشر قيم التعاون والمحبة والصدق والاحترام والتسامح والوفاء ومحبة الأوطان والبذل والعطاء والتفوق في التعليم وميادين الحياة المختلفة، وإبراز الآثار السلبية الضارة الناجمة عن نشر المفاهيم والسلوكيات الخاطئة، في النصوص الأدبية وقصص الأطفال ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة.

وأضاف "الشيخ"، أن لأدب الطفل دورًا مركزيًا فاعلًا في التنشئة السليمة للطفل ينبغي عدم التقليل من شأنها.

(جيل ألفا بحاجة إلى كتب غير تقليديه)

وقالت إيمان راشد فارس: تمضي السنوات وتتطور وتختلف الأجيال عن الأجيال التي سبقتها، نجد هوة الاختلاف تتسع عامًا بعد عام، أطفال اليوم، جيل ألفا، نشأوا على التكنولوجيا الحديثة مع ما يُصاحبها من مميزات، مثل القدرة على سرعة التفكير وإيجاد الحلول، هذا الجيل الحديث من الأطفال لا تستهويه الكتب التقليدية، إنه في حاجة لما يُواكب تفكيره، هو بحاجة لأن نخاطبه بلغة تتناسب مع مفاهيمه ومدركاته التكنولوجية، هم أذكياء جدًا لكنهم بالمقابل يُحبون السرعة في تلقي المعلومة، لا يمتلكون الصبر الكافي لإنهاء قراءة كتاب تقليدي، ولكي نجذبهم للقراءة، يجب أن يكون المحتوى الأدبي، يتناسب مع تطلعاتهم، وأن يكون الكتاب بطباعته مخالفًا لما اعتدنا عليه بالسابق.

وأضافت: جيل ألفا بحاجة إلى كتب غير تقليديه، تزرع فيهم القيم الصالحة، نحتاج لدمج الصور المتحركة والموسيقى المبهرة، لمخاطبة عقل الطفل ونفسيته، أن نصنع شيئًا ينتصر على ما يشاهده بشكل يومي على الأجهزة الحديثة، فإن استطعنا ذلك كان لنا أن نحقق نصرًا بإيجاد جيل جديد يحب القراءة وينشأ على المبادئ والقيم، جيل يُبدع في مجالات مختلفة، يحتاج طفل هذا العصر إلى كتاب يتعاملون معه بحذر وفطنة ومهارة، كاتب يجيد مزج سحر الكلمات مع إبهار التكنولوجيا.

أما عواطف عبداللطيف، إعلامية وناشطة اجتماعية، فقالت: أدب الطفل ليس مجرد وسيلة للترفيه، بل هو أداة تعليمية وتربوية تُسهم في بناء شخصية الطفل وتنمية خياله والإبحار به لمساراته المستقبلية، وأضافت، لقد اقتحمت التكنولوجيا حياتنا، ودخلت عقول أطفالنا، وغالبية أطفالنا لم يعد يستهويهم ما كان يجذبنا، لأنهم يتعاملون اليوم مع أمور جديدة، لم تكن متاحة في طفولتنا، واليوم هناك شيء مختلف، طروحات بأفكار مختلفة، غالبها يعتمد على الخيال والغرائب وعلى التسالي الإلكترونية، تأتيه بطريقة جذابة أكثر عبر شاشة، باتت جاذبة لسرعتها وخفتها.

وأشارت "عواطف" إلى أن أدب الطفل يهدف إلى تعزيز القيم الأخلاقية، وتنمية الخيال، وتوسيع المدارك اللغوية والثقافية. مؤكدة أن أدب الطفل يواجه تحديات معاصرة، تشمل التحول الرقمي والتكنولوجيا، وتفضيل الأطفال للأجهزة الذكية على الكتب الورقية ذات المحتوي المنقح مسبقًا 

وترى أنه لتطوير أدب الطفل، لابد دعم الكتاب المحليين وتوفير منصات لنشر إبداعاتهم .ولابد من توظيف التكنولوجيا بشكل تربوي وهادف، والاهتمام بالترجمة النوعية المنقحة مع تكييف ثقافي لتمييز هذا الاختلاف ومدى تأثيره، وتعزيز الشراكة بين الأسرة والمدرسة، والمؤسسات الثقافية.

 (المعجم الرقمي.. مكان المعجم الورقي)

وأوضحت دكتورة دلال مطر الشامسي، أستاذ مشارك في علوم الأرض، أن أدب الطفل، يُواجه اليوم تحديات اضمحلال المخزون اللغوي العربي لدى الأطفال، بالإضافة إلى اختلاف اهتماماتهم واتجاههم نحو ما تعج به تطبيقات التواصل الاجتماعي والألعاب التي يرتكز الكثير منها على لغات أجنبية أو تراجم غير مقبولة في اللغة العربية. كما يُواجه أدب الطفل، تحديات ضعف المناهج المدرسية في الأدب العربي في المراحل الابتدائية والثانوية، حيث اختفت كثير من المصطلحات والتدريبات التي كانت تثري مخزون الطفل اللغوي والأدبي، وأصبح المعجم الرقمي مكان المعجم الورقي الغني الذي كان يحمله الطفل وينهل من مفرداته بأسمائها وأفعالها.

وقالت "دلال": يُواجه المختصون في أدب الطفل صعوبة تتمثل في إقبال الطفل على المادة المقروءة، وهنا يأتي دور الوالدين في تحديد مسار الطفل منذ نعومة أظافره، وإقصاء الأجهزة عنه، وإثراء عقله بمفردات القرآن الكريم، وما يناسب عمره من قصص التراث العربي وما تحمله من حكم عربية وأمثال، لينشأ الطفل قريبًا من لغته، مقبلًا على أدبها الراقي وثقافتها الأصيلة التي تزهر بها تربية النشء.

(العِلْم في الصغر كالنقش على الحجر)

أكدت د. غالية بنت عيسى الزبيدي، من سلطنة عمان، أننا لا نستطيع أن نبني الرؤى المستقبلية إلا بعد أن نستقرأ الواقع جيدًا. وقالت إن المادة الأدبية، مقروءة أو مرئية أو مسموعة، هي النبع الثالث بعد البيت والمدرسة، التي يستقي منها الطفل ثقافته، وينهل من واحتها الوارفة ما يؤسس فكره ورؤاه، وما يوجه مشاعره وأحاسيسه، وما يقوِّم سلوكه، فمتى ما أولت الحكومات والمدارس والأسر والمجتمعات جل اهتمامها ورعايتها بتلك المادة، كلما كانت أكثر حرصًا على إنتاج طفل ومجتمع وأمة جيدة.

وأضافت: إن ٲدب الطفل يعتمد على أشكال مختلفة من النثر والشعر والقصص والحكايات الخاصة بالأطفال، وبهذا أصبح أدب اﻷطفال تربويًا وتعليميًا، يساهم في تنمية القدرات الذهنية والعاطفية لدى الطفل .

وأشارت إلى أن مقولة "العِلْم في الصغر كالنقش على الحجر" مقولةً صادِقَة، تدلُّ على أنَّ ما يُلقَّن في مرحلة الطفولة يتجذَّر عَميقًا فيها، وأن القصص التي رسخت في الوجدان العربي أكثر من الروايات الفائزة بنوبل، هي قصص السندباد وألف ليلة وليلة والشاطر حسن وأمنا الغولة وغيرها من القصص الموجهة للطفل، وهناك إغفال كبير لأدب الطفل في العالم العربي، وهو يترفع عن مخاطبة الناشئة، إذ يختلف الحال في الغرب، حيث تطبع كتب الأطفال بملايين النسخ، وتحقق مبيعات هائلة وتوزع بنسخ أصلية ثمينة. أما في عالمنا العربي فتهتم الأسرة بشراء لعبة للطفل ولا تشتري له كتابًا، كذلك لا تهتم الجهات المختصة بالبحث عن الكفاءات في الكتابة للطفل وإيجاد التمويل والجهات الداعمة لنشر هذا النتاج.

(أدب الطفل ودور النشر الربحية) 

وقالت د. غالية الزبيدي: مما لا شك فيه أن الناشر يبحثُ بالدرجة الأولى عن المكسب، ويلاحظ حركة السوق، وفق مبدأ العرض والطلب والاحتياج، ومن هنا فإن أدب الطفل يأتي ضمن خياراته في النشر، ولكن ما يتطلبه هذا الأدب من أساسيات تتمثَّل في كاتبٍ موهوب، وفنان مبدع، ووسيط طباعي أو تقني جيدا، في منظومة متكاملة من الصناعة الأدبية للطفل التي تساوي الصناعات الكبرى، فإن دور النشر العربية، تقف أمام هذا الفن موقف المحافظ على ماء الوجه؛ ليس إلا ؛ في استكمال الصورة العامة لها كدار نشر عامة تهتم بجميع الشرائح، ولكن على المستوى الفعلي التنافسي العالمي، لا نجد من يستطيع إخراج ديوان شعر أو مسرحية أو مجموعة قصصية أو أيقونة أو لعبة رقمية أو غيرها كما تفعله الشركات العملاقة، مثل ديزني وغيرها. ولهذا فإنهم يجودون بالموجود، ويحاولون، ولكن المسافة ما تزال بعيدة والمشروع الحقيقي في أدب الطفل ما يزال غائبًا للأسف الشديد، وليس في مقدمة اهتمامات هذه الدور الناشرة ، إلا ما تدعمه بعض المؤسسات الحكومية من مجلات الأطفال أو من خلال دوائر الثقافة هنا أو هناك وما أقلها!.

أما د. إيمان بدران، تربوية وشاعرة وكاتبة، فقالت: في ظل الانفجار الرقمي وتوفر المحتوى البصري السريع، يُعاني أدب الطفل من تراجع في التأثير، حيث لم يعد الطفل يستمتع بقصة مكتوبة أو ينجذب إلى لغة أدبية محكمة كما في السابق، بل أصبح يميل إلى مقاطع قصيرة ومؤثرات فورية، وهذا يشكّل تحديًا أمام الكتّاب، إذ عليهم إعادة صياغة الأسلوب الأدبي بما يجمع بين الجاذبية الحديثة واللغة الراقية التي تغذي الخيال.

وأكدت بدران: رغم أهمية أدب الطفل في بناء القيم والهوية، فإن المؤسسات الثقافية لا تزال تتعامل معه كمنتج هامشي، لا تُوجد خطط استراتيجية واضحة لدعم كتّاب هذا المجال أو تشجيع النشر والترجمة أو حتى إدماج الإنتاج الأدبي الجيد في المناهج الدراسية، ما يترك الساحة مفتوحة لمحتوى مستورد قد لا يتماشى مع قيمنا.

(أدب الطفل من ركائز بناء الوعي)

وأضافت زكية سهل اللحياني، مستشارة تعليمية ومؤلفة ومخترعة في مجال تعليم الأطفال، أن أدب الطفل يُعد من أهم الركائز التي تُسهم في بناء الوعي، وتعزيز القيم، وتنمية الخيال لدى النشء، إلا أنه يواجه اليوم تحديات متعددة في ظل الثورة الرقمية والانفتاح الإعلامي، منها: عزوف الأطفال عن القراءة التقليدية بسبب انشغالهم بالتقنية، وقلة المحتوى العربي الجاذب والمبتكر مقارنة بالمحتوى الأجنبي، وضعف دعم المؤسسات للكتّاب والمبادرات المهتمة بأدب الطفل.

مؤكدة أننا اليوم فى أشدّ الحاجة إلى تضمين القيم الإنسانية والوطنية في أدب الطفل بأسلوب مبتكر مشوّق ومثير للتفكير، بعيدًا عن التلقين المباشر. فالقصة يُمكن أن تكون بوابة لغرس التسامح، والانتماء، والمسؤولية، إذا قُدمت بطريقة تحترم عقل الطفل وتخاطب وجدانه.

وقالت: في إطار مبادراتي لتعزيز أدب الطفل، قمت بعرض قصتي "القصر الأحمر" على روبوت تعليمي في مكتبة محمد بن راشد في دبي، وهو مشروع يجمع بين الأدب والتقنية بشكل 

وختامًا، نستخلص من هذا التحقيق، أنه على دور النشر العربية إفراد مساحات خاصة للكتاب العربي، لطباعة كل ما يتعلق بالطفل، حسب مراحله العمرية، وذلك بدعم من الدولة نفسها، التي يجب أن تعمل على صعيدٍ ثقافي أوسع، لتعزيز ثقافة القراءة، ومنع احتكار دور النشر لسوق الكتب، حيث أن الغالبية يتعاملون بلغة التجارة لا بقيمة ما يطبع، فعلى الرغم من وجود عدد كبير من كتَّاب أدب الطفل في وطننا العربي؛ فإن كثيرًا منهم مازالوا يكتبون القصص النمطية القديمة بعيدًا عن لغة الطفل في العصر الحديث، وما يفكر فيه من خلال الأساليب المناسبة  لفكر الطفل الذي تطور تطورًا كبيرًا في الميديا والفضائيات المفتوحة. 

إننا في أشد الحاجة إلى الانسجام مع ثقافة الطفل الجديدة؛ لتعميق ثقافته العربية وغرسها في عوالمه الأدبية والعلمية بأسلوب جديد، يتوأم مع حركة التكنولوجيا وإيقاعها السريع وتقنيات الواقع المعاصر وبرامج الذكاء الاصطناعي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

جميع الحقوق محفوظة© صحيفة الاخبار الجديدة