المنافذ الحدودية.. ومحاولات التهريب المزمنة ..
بقلم/عامر جاسم العيداني
لماذا يحاول التجار العراقيين القيام بمحاولات تهريب بشكل شبه يومي عبر الموانئ العراقية والمنافذ البرية رغم قيام هيئة المنافذ الحدودية باحباطها ..؟
هل هناك فرص للتهريب تجعلهم يكرّرون المحاولة ..؟
هل يبقى التهريب مشكلة مزمنة رغم جهود هيئة المنافذ الحدودية ، وكيف يمكن تفسير هذه المحاولات المتكررة ؟
تطالعنا الاخبار اليومية الصادرة عن هيئة المنافذ الحدودية والكمارك عبر بيانات عن ضبط مواد معدة للتهريب وخاصة السيارات والأدوية وهي سلع ومواد ذات اثمانٍ عالية ، ناهيك عن محاولات تهريب المخدرات التي تجاوزت ٣٥ محاولة تم ضبطها من قبل الهيئة من ضمن ٢٢٩ مخالفة خلال شهر أذار ٢٠٢٥ حسب بيان صادر عنها.
ومن بين الاسباب التي تجعل التاجر يقوم بتهريب هذه السلع هو الفارق الكبير في الأسعار بين العراق والدول المجاورة (خاصة في سلع مثل الأدوية، والمواد الغذائية، والإلكترونيات) ويعدُّ تهريبها مربحاً جداً ، حتى مع مخاطر المصادرة . والسبب الاخر هو وجود طلب مرتفع على السلع المهربة بسبب القيود الجمركية أو نقص المعروض المحلي. وقد يكون بعض الموظفين في المنافذ الحدودية أو الجهات الرقابية متواطئين مع المهربين مقابل رشاوى، مما يسهل عمليات التهريب ، أو قد يعزى الأمر الى عدم وجود تنسيق كافٍ بين الجهات الأمنية والجمركية حيث يخلق ثغرات يستغلها التجار، أو أنّ العقوبات ضد التهريب لم تكون رادعة بما يكفي، والتهاون في تطبيقها بسبب الروتين القضائي أو المحسوبيات. وهناك أمر في غاية الاهمية وهو أنّ بعض المهربين قد يمتلكون نفوذاً سياسياً أو وظيفياً يحميهم من المسائلة ، ويعمل المهربون دوماً على استخدام طرق مبتكرة في إخفاء البضائع في شحنات قانونية .
والجدير بالذكر ان الحرم الجمركي العراقي يضم ممثلين عن الهيئة العامة للجمارك والهيئة العامة للضرائب ومحاجر عدة (البيطري والصحي والزراعي) وأجهزة أمنية تتمثل في الاستخبارات والمديرية العامة لمكافحة المتفجرات وشرطة الجمارك ووحدتي الكلاب البوليسية والمخدرات.
وهناك نسبة كبيرة من عمليات التهريب تنجح عبر المنافذ الحدودية التي تُسيطر عليها شبكات لها علاقات مع مسؤولين أو جهات نافذة تستغل أوقات الذروة أو الظروف الأمنية المضطربة (مثل الاحتجاجات أو الأزمات السياسية) او بسبب الضغوطات التي تمارس ضد الموظفين .
ويتطلب القضاء على هذه الظاهرة تعزيز الرقابة عبر تقنيات حديثة (مثل الماسحات الضوئية، أنظمة الذكاء الاصطناعي) وتشديد العقوبات على الفاسدين والمهربين مع تسريع الإجراءات القضائية وتحسين رواتب موظفي الجمارك والحدود لتقليل دوافع للفساد. ومن المهم تيسير الاستيراد القانوني وتقليل اجراءات الاخراج وتخفيض الرسوم الكمركية على بعض السلع التي يكثر تهريبها.
وخلاصة القول: طالما كانت هناك أرباح خيالية وضعف في الرقابة، سيستمر التهريب، لكن بالإصلاحات الجذرية يمكن تقليصه بشكل كبير ، وإن عمليات التهريب وضخامة الأموال المهدورة بسبب المخالفات في المنافذ الحدودية يجب ايقافها من خلال تشديد العقوبات واستخدام التكنولوجيا في السيطرة على دخول البضائع .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق